اختلف العلماء فيما يتعلق بحلي المرأة المعد للبس والملبوس أيضاً، والصواب أن فيه الزكاة، الصواب الذي هو مقتضى الدليل أن في الحلي من الذهب والفضة الزكاة إذا حال عليها الحول وقد بلغت النصاب، والنصاب من الفضة مائة وأربعون مثقالاً، ومن الذهب عشرون مثقالاً، فإذا بلغت الحلي من الأسورة أو الخواتم أو القلائد من الذهب عشرين مثقالاً وجبت الزكاة في ذلك كلما حال الحول على المرأة، هذا هو الصواب هذا القول الأرجح من قولي العلماء. والزكاة ربع العشر فعليها من كل ألف خمس وعشرون زكاة وهكذا في الألفين خمسون ربع العشر، وينظر ذلك ويعرف ذلك بالنظر في قيمة الذهب بالأسواق كلما حال الحول؛ لأنها تزيد وتنقص القيمة، فعلى المرأة أن تنظر في ذلك أو تستعين بمن تراه في ذلك من زوج أو أب أو نحو ذلك حتى تعرف الحقيقة وحتى تؤدي الزكاة كما أمر الله. والنصاب أحد عشر جنيهاً ونصف بالجنيه السعودي والإفرنجي كذلك أحد عشر جنيه ونصف يعني ثلاثة أسباع جنيه نصف إلا يسيراً، فإذا بلغ الحلي هذا المقدار أحد عشر جنيهاً ونصفاً، وعشرون مثقالاً فهذا فيه الزكاة، وبالجرام: اثنين وتسعين جراماً إذا بلغ الحلي اثنين وتسعين غراما فهو نصاب أيضاً، فعليها أن تعتبر ما عندها بهذا بالمثاقيل المعروفة بالجنيه السعودي والإفرنجي كذلك بالغرام فإذا بلغ ما عندها النصاب أو أكثر أو نصابين أو أكثر فعليها الزكاة كلما حال الحول في أصح قولي العلماء، ومن الأدلة على ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيام صفحت له صفائح من نار) الحديث، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: للمرأة التي دخلت عليه وفي يد ابنتها سَكَّتان من ذهب -يعني سواران- فقال: (أتعطين زكاة هذا؟) قالت: لا، قال: (أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيام سوارين من نار؟) فألقتهما وقالت: هما لله ولرسوله. فهذا يدل على وجوب الزكاة في الحلي؛ لأنها أسورة والسكتان سواران، ومع هذا أوجب عليها الزكاة وتوعدها عليه الصلاة والسلام، وهكذا ما جاء في حديث أم سلمة أم المؤمنين - رضي الله عنها - أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب فقالت: يا رسول الله أكنز هذا؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: (ما بلغ يزكى فزكي فليس بكنز) هذا بيانه عليه الصلاة والسلام للأمة. فالواجب على النساء أن يزكين حليهن إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول في أصح القولين من أقوال العلماء رحمة الله عليهم، والقاعدة عند أهل العلم: أن المسائل التي فيها النزاع بين أهل العلم ترد إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله عليه الصلاة والسلام كما قال الله عز وجل: ..فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59) سورة النساء، وإذا رددنا هذا إلى الله فالله يقول سبحانه: مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ.. (80) سورة النساء، ويقول عز وجل: ..وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا.. (7) سورة الحشر، ومن السنة يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ما تقدم: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره) الحديث، ويقول للمرأة لما رأى على ابنتها سكتين من الذهب (أتعطين زكاة هذا؟) قالت: لا ، قال: (أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟) الحديث، فهذا من سيد الأولين والآخرين نبينا وإمامنا وسيدنا وقدوتنا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام بيان وضح في وجوب الزكاة في الحلي، فالواجب الأخذ به وعدم العدول عنه؛ لأن الله جل وعلا ألزمنا وأوجب علينا اتباعه والتمسك بما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام وعدم العدول عن ذلك إلى قول غيره من الناس