العبقرية :
العبقرية هي أنموذج الإنسان الذي أستطاع أن يحرر عقله من سلطة الإرادة في لحظات معينة هي لحظات التأمل الموضوعي. و ترتبط نظرية العبقرية عند " شوبنهور" بنظريته في المعرفة , إذن أن العبقري عنده لا يتميز عن سائر الناس إلا بالمعرفة الحدسية التي ينفذ بها إلى أعماق الأشياء بحيث يصبح هو و إياها شيئا واحدا.
إذن تكمن العبقرية في المعرفة ,و هذه المعرفة ليست مجردة و لكنها معرفة حدسية , كما أنها لا تخضع لمبدأ العلة ل أنها تتجاوزه و تتحرر منه لترى الأشياء في ضوء آخر غير ضوء الضرورة .
العبقرية و الجنون :
هناك نظرية في العبقرية تقول أن ملكة الخلق الكبرى هي شكل من أشكال الجنون الحميد , السليم العاقبة , و لكن هل العباقرة مجانين ؟
أحد أسباب افتراض ارتباط العبقرية بالجنون يرجع إلى العصور القديمة , و يقوم على الخلط بين الجنون و الإلهام و لسينيكا – كاتب روماني مشهورو لد عام 4 ق.م - ملاحظة في ذلك حيث قال ( ابدا لا توجد موهبة عظيمة دون مس من جنون)
و قد شاهد تشارلز لامب – ناقد إنجليزي – عن قرب حالات المرض العقلي و اقر بإستحالىة أن ينتج المجانين أعمالا عظيمة و كلما خضعت العلاقة بين العبقرية و الاٌضطراب العقلي للفحص الدقيق بدا أنها تتناقص . لذا يتعذر علينا ان نجد علاقة بين العبقرية و الجنون فالجنون الذي ارتبط بالعبقرية سببه رؤية العباقرة لبعض الأمور من زوايا لا يراها أي شخص آخر مما يجعله في قفص الاتهام بأنه مجنون كذلك كما يرى كرتشمر – طبيب نفسي - العامل السيكوباتي-الذي سيرد أدناه و التي تؤثر على سلوك العبقري و تجعله غير مستقر نفسيا- جزء جوهري و ضروري و ربما الحافز الأساسي للعبقرية
مما لا شك فيه أن كثيرا من الشخصيات البارزة و الألمعية كانوا فريسة محن عاطفية عنيفة و مثل هذه الحالات القصوى يمكن موازنتها مع حالات أخرى كانت نموذجا لسلامة العقل .
لذلك يمكننا القول أن العباقرة تتملّكهم دوافع الخلق و الإبداع , و أنهم يظهرون شخصية قوية و غير عادية أحيانا نتيجة لذلك ,
و بما أن العبقرية أعلى درجة في الذكاء , و الذكاء ظاهرة إنسانية , أي تتعلق بالإنسان و حياته و تطوره , فإن وجودها مرتبط بوجود الإنسان نفسه.
و من الأهمية أن نشير إلى تأكيد لانج-ايشبوم أن أكثرية المبدعين العباقرة لم يكونوا ذهانيين بل كانوا سيكوباتيين .
و من نتائج المعطيات التي قدمها لانج-ايشبوم ايضا وجود نسبة عالية من السيكوباتيين بين الناس العباقرة ,. فنسبة الذين يتعتبرون أصحاء تتراوح ما بين 5,6و 5,8 % و كذلك يرى ان السيكوباتي انفعالي . حساس , فوضوي, غير مستقر في الحياة العاطفية , غير هادء داخليا , و لدية جوع دائم للإثارة و الجديد و ميل نحو الأحلام و الخيالات الغريبة.
و كذلك يرى ان العامل السيكوباتي محرض للنشاط الإبداعي و لقد كتب كريتشمر يقول : إذا ما تركنا جانبا العامل السيكوباتي في تكوين الإنسان العبقري بما يحويه من قلق داخلي و عزيمة نفسية , فإننا لن نبقى سوى أمام موهوب عادي. مقتبس من كتاب الابداع العام و الخاص
و يرى مؤلف كتاب العبقرية أن العباقرة من الرجال و النساء كثيرا ما يقعون تحت تأثير صراعات تدور داخل ذواتهم و تؤدي بهم غالبا إلى الإحساس بالتعاسة و عدم الرضا و القلق و لكنها في الوقت نفسه تمنحهم القدرة على التخيل و التساؤل و اللهفة على الإكتشاف و تجربة مباهج الوحدة و التركيب و ما داموا قادرين على مواصلة بحثهم عن طريق (العكوف) على عملهم ,اما إذا خذلتهم قدراتهم على العمل أو رُفض عملهم و كانوا شديدي الحساسية بسبب هذا الرفض فقد يؤدي هذا إلى الإكتئاب و هذا ما يفسر نسبة إرتفاع مرض الاكتئاب لدى الأشخاص المبدعين و الموهوبين.
إذا استطيع أن أفسر الدراسة التي تقول بأن ارتفاع معدلات مرض الإكتئاب تزيد مع التقدم العمراني ... لم اقتنع بهذه في البداية -ربما يكونوا محقين- لكن من المعروف ان العقل البشري في تطور متسمر و ان العقل الذي نحمله الآن ليس إلا عقل تراكمي لهذا السبب يكون كل جيل أذكى من قبله ... مع التقدم و التطور العمراني ترتفع معدلات الذكاء و الإبداع و تزداد نسبة الاكتئاب و بهذا يكون مرض الاكتئاب ليس مرتبط بالتقدم العمراني و الحضارة بطريقة مباشرة بل بطريقة غير مباشرة ... هذا و الله اعلم
و الآن سوف اسرد لكم جواب لأهم سؤال لطالما شغل ذهني ... هل العبقرية هي قدرة عقلية أم إلهام ؟
و قد وجدت الإجابة في كتاب العبقرية في فصل العبقرية و التحليل النفسي.
كثيرا من المبدعين – لم يكن جميعهم غير مستقرين بشكل ملحوظ – فقد سجلوا ظهور الإلهام ( في حياتهم ) كشيء بعيد كل البعد عن الجهد الواعي , و التحمس أو العمل الشاق. و قد كتب جاوس , و الذي حاول لمدة عامين أن يبرهن على نظرية رياضية دون أن ينجح في ذلك فقال :
" أخيرا نجحت منذ يومين , لم يكون ذلك بسبب جهودي المضنية و لكن بفضل من الله . و كومضة برق مفاجئة , حدث أن حل اللغز , و انا نفسي لا أستطيع أن أتكلم عن كنه ذلك الخيط الهادي الذي يربط بين ما عرفته من قبل و ما جعل نجاحي ممكنا"
كذلك هناك سؤال لطالما اشغلني ... لماذا معظم العباقرة التي اقرأ سيرهم الذاتيه أجد أنهم لم يكونوا متفوقين أكاديميا و قد فاجأني احد أساتذتي في الجامعة بأنه قد رسب مرتين مما جعلني أدور حول نفسي كيف ذلك و كيف له أن يحمل هذا العقل و هذه المعلومات و سبق له و ان رسب ؟
اولا سأوضح بعض الحقائق التي ترد في ذهني و التي قرأتها سابقا...
كل شخص مبدع ذكي و ليس كل شخص ذكي مبدع ...و قد فسر مؤلف كتاب الإبداع العام و الخاص بأن سبب تفوق بعض الطلاب الأذكياء و إخفاق بعض الطلاب المبدعين في المواد ... حيث قال بأن عقل الإنسان الذكي الغير مبدع قادر على تخزين المعلومات و استيعابها و من ثم استرجاعها اما العقل المبدع لدية قدرة عالية على إنتاج المعلومات لذا فقد سمى المؤلف الذكاء الغير إبداعي بالذكاء العقيم.
إذا خلاصة الموضوع :
كل إنسان مبدع ذكي يمكن ان يكون عبقري .
ملاحظه منقول من منتدي الفيزياء التعليمي
كاتب الموضوع
s.alghamdi
مشرف سابق